* حجم انكشاف البنوك السورية على لبنان يتجاوز 1.6 مليار دولار
الخبير السوري – متابعة:
بدأت سوريا خطوات مكثفة وصفها مراقبون بأنها جريئة وإستراتيجية، لإعادة بناء وترميم قوام السوق المصرفية المخترقة إما فساداً أو ضعفاً بنيوياً حاداً.
فبعد سلسلة إجراءات إصلاحية .. وجّه مصرف سوريا المركزي البنوك التجارية بتكوين مخصص مقابل خسائر انخفاض القيمة المرتبطة بالانهيار المالي في لبنان، وتقديم خطط موثوقة لإعادة الهيكلة خلال ستة أشهر، في خطوة من شأنها إعادة تشكيل القطاع المصرفي المتعثر في البلاد.
وفي وقت لم يسبق البنوك السورية الإفصاح عن تفاصيل ارتباطها بالبنوك اللبنانية..يلزم التوجيه الصادر في 22 أيلول البنوك بالاعتراف بكامل انكشافها على النظام المالي اللبناني، حيث أودعت البنوك السورية أموالا خلال الحرب الأهلية في البلاد.
ووفقاً لمسؤولين سوريين.. هذا القرار يأتي في إطار جهود أكبر لإصلاح القطاع المصرفي الذي عصفت به الحرب التي استمرت 14 عاما وكذلك العقوبات الغربية، وللمساعدة في معالجة أزمة السيولة التي كبلت النشاط الاقتصادي.
وقال ثلاثة مصرفيين سوريين لوكالة “رويترز” إن هذا الأمر دفع بعض البنوك إلى البحث عن مستثمرين جدد أو استكشاف فرص استحواذ أجنبية.
وقال حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية لـ”رويترز “: “سيتعين على (البنوك) تزويدنا بخطة موثوقة لإعادة الهيكلة، بدأ العد التنازلي الآن”.
وأضاف: “إنها قادرة على إيجاد سبل مختلفة للقيام بذلك، بطرق تشمل البنوك الشقيقة في لبنان أو من خلال الشراكة مع مؤسسات دولية أخرى”.
انكشاف كبير
قال الحصرية إن انكشاف المصارف التجارية السورية على لبنان كبير ويزيد على 1.6 مليار دولار.
ووفقا لحسابات “رويترز” المستندة إلى التقارير المالية لكل المصارف التجارية الأربعة عشر في سوريا لعام 2024، والتي نشرتها بورصة دمشق، تمثل هذه نسبة كبيرة من إجمالي الودائع في القطاع المصرفي التجاري السوري والبالغ 4.9 مليار دولار.
ومن بين المصارف الأكثر تضررا، بنك الشرق وفرنسبنك وبنك سوريا والمهجر وبنك بيمو السعودي الفرنسي وشهبا بنك وبنك الائتمان الأهلي، وكلها بنوك لبنانية الأصل افتتحت فروعا لها في سوريا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
ولم يرد أي من هذه المصارف على طلبات للتعليق.
ويقول مصرفيون إنهم لجأوا إلى لبنان خلال الحرب الأهلية السورية، ولم يكن لديهم خيارات كثيرة أخرى بسبب العقوبات الغربية التي بدأ رفعها تدريجيا منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد العام الماضي.
لكن هذه الودائع أصبحت محتجزة عندما انهار النظام المصرفي اللبناني في عام 2019 بسبب سوء الإدارة المالية والأزمة السياسية اللذين استمرا لسنوات.
ولم يعتمد لبنان حتى الآن خطة لحل الأزمة رغم أن المسؤولين اللبنانيين يقولون إنهم أحرزوا تقدما ملحوظا بشأن “قانون الفجوة المالية” لتحديد كيفية إعطاء الأولوية لتعويض المتضررين عن خسائرهم.
انتقاد قصر المهلة
انتقد بعض المصرفيين السوريين قصر مدة المهلة الممنوحة للامتثال لتوجيه تكوين مخصص.
وقال أحد المصرفيين “القرار في حد ذاته مبرر، لكن المهلة ليست كذلك”.
وينفي المسؤولون السوريون وجود أي دوافع سياسية.
وذكر الحصرية أن هذه الخطوة تأتي في إطار جهد أكبر للالتزام باللوائح التي أهملتها الحكومة السابقة.
وأضاف “لا نريد أن يتعرض أي بنك لمشاكل، لكن الإنكار ليس حلا أيضا… ننتقل من إنكار اتبعه النظام القديم إلى الاعتراف بالمشكلة وحلها”.
وقال ثلاثة مصرفيين سوريين إن بعض البنوك المتضررة تجري محادثات، لا تزال في مراحلها المبكرة، مع مؤسسات مالية عربية، مثل بنوك مقرها الأردن والسعودية وقطر، بشأن عمليات استحواذ محتملة.
وذكر الحصرية أن الحكومة تهدف إلى زيادة عدد البنوك التجارية العاملة في سوريا إلى المثلين بحلول عام 2030، وأن بعض البنوك الأجنبية بصدد الحصول على تراخيص.