وكأن أهالي الساحل السوري يواجهون هجوم التنين البحري المتكرر كظاهرة غير مألوفة، لتوطين “تنّين” آخر تيمناً أو استئناساً أم درءاً لخطر التنين البحري.
واللافت أن مناطق الساحل السوري، ولا سيما مدينة جبلة، بدأت تشهد توسعاً متزايداً في زراعة فاكهة التنين (الدراغون)، التي برزت خلال السنوات الأخيرة كأحد أهم المحاصيل الزراعية البديلة ذات الجدوى الاقتصادية العالية، في وقتٍ يبحث فيه المزارعون عن مصادر دخل مستقرة بعد خسائرهم المتكررة في المحاصيل التقليدية كالحمضيات والخضار.
ونقل تلفزيون سوريا عن رئيس دائرة زراعة جبلة، المهندس باسل ديوب، أن هذه الزراعة حققت نسب نجاح تجاوزت 75%، ما جعلها خياراً واعداً في المناطق الساحلية، مشيراً إلى أن الإقبال عليها يتزايد عاماً بعد عام، مع ارتفاع عدد البيوت المحمية المزروعة بالدراغون بنحو 40 بيتاً إضافياً خلال الموسم الحالي.
وأوضح ديوب أن فاكهة التنين تمتاز بمردود اقتصادي مرتفع وتكاليف إنتاج محدودة، إذ تتطلب كميات قليلة من المياه ولا تحتاج إلى عمالة كبيرة أو أنظمة ري معقدة، إضافةً إلى قدرتها العالية على التأقلم مع التغيرات المناخية ومقاومتها الطبيعية للآفات. كما تدخل في الإثمار المبكر بدءاً من السنة الأولى للزراعة، ما يمنح المزارع عائداً سريعاً ومستقراً.
الأكثر انتشاراً
ولفت ديوب إلى أن زراعة فاكهة التنين يمكن أن تكون في البيوت المحمية أو في الهواء الطلق، إلا أنه يُنصح بالزراعة المحمية لتفادي تأثيرات الصقيع. وحتى في حال تضررت الشتلات بانخفاض درجات الحرارة، فإنها تستعيد نموها مع بداية الصيف، ما يعزز ثقة المزارعين بهذه الفاكهة.
ويُعد الصنف الأحمر ذو اللب الأحمر (رويال ريد – أومبيرال ريد) الأكثر انتشاراً في المنطقة، نظراً لإنتاجيته العالية وقدرته على التلقيح الذاتي، في حين توجد أصناف أخرى تحتاج إلى تلقيح يدوي مثل الأحمر والأصفر ذوي اللب الأبيض.
ومن النماذج الناجحة، تحدث المزارع ماهر حسن من قرية البرجان عن مزرعته التي تضم نحو 1000 شتلة على مساحة دونم ونصف، وتنتج ما يقارب 3 أطنان سنوياً، تُسوَّق عبر تجار مختصين بالفواكه الاستوائية.
وأوضح أن هذا النوع من الزراعة لا يتطلب مجهوداً كبيراً، في حين يوفر دخلاً جيداً مقارنة بمحاصيل الخضار التقليدية.
ويطالب المزارعون الجهات المعنية بتحويل زراعة الدراغون إلى مشروع وطني مدعوم عبر تقديم الإرشاد الفني، وتأمين مستلزمات الإنتاج بأسعار مناسبة، وفتح أسواق تصديرية لهذه الفاكهة التي بدأت تفرض حضورها في الأسواق المحلية والخارجية.