معركة التسعير والمواجهة بين الليرة والدولار تؤرق المستهلك والسوق السورية

الخبير السوري:

رغم أن سعر صرف الدولار شهد استقرارًا نسبيًا في الآونة الأخيرة بعد تحرير التعامل به، إلا أن انعكاساته على حياة المواطنين السوريين لا تزال واضحة ومؤلمة.

فالخبير المصرفي أنس فيومي يرى أن التأثير الحالي يشبه إلى حد كبير ما كان يحدث في مراحل سابقة، حين كان التجار يضيفون هامشًا احتياطيًا على الأسعار تحسبًا لأي تغير مفاجئ في سعر الصرف، ما يجعل المواطن دائمًا في مواجهة ارتفاعات متكررة وغير مبررة في الأسعار.

وأوضح فيومي أن هذا الأسلوب التجاري يؤدي عمليًا إلى زيادة تكلفة المعيشة بشكل مصطنع، إذ يلجأ بعض التجار إلى سحب الهامش عند انخفاض الدولار ثم إضافته مجددًا عند ارتفاعه، ما يخلق دوامة تسعيرية تُرهق المواطنين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة السورية، في حين تُسعَّر معظم السلع وفق تقلبات العملة الأمريكية.

وأشار الخبير إلى أن الاعتماد المفرط على البضائع المستوردة، حتى وإن كانت ضعيفة الجودة، أسهم في تضييق الخناق على المنتج المحلي الذي يعاني أصلًا من ارتفاع تكاليف التشغيل والطاقة والنقل وأجور العمالة، ما جعل السوق السورية أكثر هشاشة أمام أي اضطرابات في سعر الصرف.

كما حذّر فيومي من أن الدولرة الجزئية في التسعير تُعمّق الفوارق الطبقية داخل المجتمع، فالفئة القادرة على التعامل بالدولار أو الاعتماد على تحويلات الخارج تبقى محدودة، بينما الغالبية الساحقة من السوريين ما تزال تعتمد على دخل ثابت بالليرة السورية، التي اعتبرها فيومي “رمزًا سياديًا لا بد من حمايته”.

وأضاف أن الحكومة السورية تخطو مؤخرًا نحو إصلاحات نقدية ومصرفية تهدف إلى تعزيز مكانة الليرة، من خلال ربط المصارف المحلية بالشبكة المالية العالمية، وإصدار فئات نقدية جديدة، وهو ما قد يفتح الباب أمام تحسن تدريجي في التداول والودائع المصرفية بالتوازي مع استقرار الوضعين السياسي والأمني.

وختم فيومي بالتأكيد على أن التعامل بالدولار يجب أن يبقى محصورًا في النشاطات الخارجية وتحت إشراف الجهات المختصة، بينما ينبغي أن يتم التسعير الداخلي بالليرة السورية فقط، عبر سياسات نقدية واضحة تعيد الثقة بالعملة الوطنية وتخفف الأعباء عن المواطنين، بعيدًا عن العودة إلى التشريعات العقابية القديمة.

أوقات الشام

[ جديد الخبير ]