الخبير السوري ـ نهى علي:
يرتفع منسوب الجدل حول الإجراء المزمع من مصرف سوريا المركزي لحذف أصفار من العملة الجديدة، على الرغم من أن القرار اتُخذ وتسير الأمور باتجاه تهيئة المواطن والسوق لاستقبال العملة العتيدة.
الموضوع بات “تريند” على وسائل التواصل الاجتماعي، في ظل المعطيات التي يسربها عبد القادر حصرية حاكم مصرف سوريا المركزي على دفعات.. مرة عن عدد الأصفار المحذوفة وأخرى عن أمام العملة المنتظرة ضد التزوير، وثالثة عن الهوية البصرية لها، وبالتالي تتصدر أخبار الليرة القادمة اهتمامات وسائل التواصل الاجتماعي بشكل غير عادي.
حذف الأصفار سوف يقودنا إلى كارثة اقتصادية جديدة
يتخلل كل ذلك جدلاً كبيراً حول سلامة الإجراء من الناحية الاقتصادية والنقدية، وعن تفاصيل أخرى بنيوية في السباق النقدي، الأمر الذي يشير بأن الإجراء كان بحاجة إلى مزيد من الدراسة والبحث الخروج بمنتج إستراتيجي مناسب من الناحيتين النقدية والاقتصادية.
تحذير شديد اللهجة
بكثير من الإصرار يحذر د. علي كنعان عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، وهو أستاذ النقد والمصارف، من مخاطر حذف الأصفار من العملة السورية.
وبشكل مثير للقلق يذهب كنعان في تصريحات إعلامية متكررة، كان أكثرها مباشرة لصحيفة محلية منذ يومين..يذهب إلى أن هذا الإجراء سوف يقودنا إلى كارثة اقتصادية جديدة.
لحذف الأصفار من العملة، وهي أن تكون لدينا إمكانية لتمويل الاستيراد لمدة 27 شهراً
كنعان يبرر وجهة نظره بأن هناك شروطاً لا يختلف عليها خبراء الاقتصاد لحذف الأصفار من العملة، وهي أن تكون لدينا إمكانية لتمويل الاستيراد لمدة 27 شهراً وفق ما جاء به صندوق النقد الدولي، عندها نستطيع حذف الأصفار من العملة لرفع قيمة العملة.. أو أن يكون لديك طلب استثماري كبير من الخارج، وإذا كانت لدينا صادرات كبيرة نريد تصديرها إضافة إلى عدة شروط أخرى يجب على البنك المركزي تطبيقها حتى يتمكن من القيام بعملية حذف الأصفار ونجاحها.
مخاطر
على العموم… تفرض وجهة النظر النقدية والاقتصادية نفسها هنا، فالهدف من الإصلاح النقدي غير مرتبط بحذف الأصفار وإلا كانت جميع الدول قد قامت بهذه العملية.
وهنا يصرّ عميد “الاقتصاد” على أن هذه التجربة محفوفة بالمخاطر، ومخاطرها أكثر من شروط نجاحها لأن شروط النجاح تتطلب توافر القطع الأجنبي وزيادة حجم الصادرات والمستوردات وهذا الإجراء يفترض ألا يتزامن مع مرحلة إعادة الإعمار، أي يجب أن يكون الاقتصاد بحالة طبيعية وليس بحالة اقتصاد مدمر..
ليست أولوية
أمام كل ماسبق يبقى التساؤل .. هل إجراء حذف الأصفار هو أولوية بالفعل ؟…
سؤال موضوعي وكبير وإستراتيجي يجيب عليه كنعان بأن هدف الحكومة اليوم تسكين الوضع وإصلاح الدمار الذي خلّفه النظام البائد، والأولوية هي تأمين مساكن للمهجرين وسلل غذائية وتأمين مشاريع البنى التحتية والاتصالات وصيانة الطرقات وجذب الاستثمارات من الخارج.. الإصلاح النقدي لا يكون من أولويات عمل الحكومة في مرحلة إعادة الإعمار.
فجوة كبيرة بين العرض والطلب تصل إلى 200 ترليون ليرة سورية
فجوة مقلقة
في تفصيل أكثر يشير أستاذ النقد والمصارف، إلى أن هناك فجوة كبيرة بين العرض والطلب تصل إلى 200 ترليون ليرة سورية، وهي لمصلحة العرض وعلى الحكومة أن تتابع زيادة الأجور بشكل تدريجي للقطاعين العام والخاص والأهم أن تتوفر للمصانع المحروقات بأسعار منخفضة، لافتاً إلى أن أسعار المحروقات مرتفعة ورفع الأجور للقطاع الخاص سوف ترتفع قيمة السلع ومن الصعب تصديرها.
ضربة للصناعة
وبالعودة إلى حقيقية تغيير الليرة..يلفت كنعان إلى أن هناك شروطاً لدعم الصناعة السورية وتوفير المواد الأولية الرخيصة وأنه في حال تم رفع قيمة العملة سوف ينعكس على قيمة المواد المستوردة والتي سوف ترتفع بشكل كبير وبالتالي تزداد التكاليف ويصبح الصناعي عاجزاً عن التصدير، أي أن هناك علاقات مرتبطة مع بعضها بعضاً ويجب دراستها قبل اتخاذ قرار حذف الأصفار من العملة السورية، لأن هذه العملة سوف تسهم في إفقار الفقراء وزيادة الأغنياء غنى.
لابد من وجود زيادات أخرى حتى تصل الرواتب إلى 300 دولار كحد أدنى
رواتب متواضعة
يرى كنعان أن الأجور وصلت اليوم الـ100 دولار كحد أعلى وهذا أمر غير معقول ولا توجد دولة في العالم تتقاضى هذه الرواتب، لذلك لا بد من وجود زيادات أخرى حتى تصل الرواتب إلى 300 دولار كحد أدنى للأجور حتى يتم تحريك عجلة الإنتاج وإزالة الفجوة بين العرض والطلب.. والأهم أن الحد الأدنى للفقر حسب صندوق النقد الدولي حوالي اثنين وربع دولار، أي يجب أن تكون الرواتب كحد أدنى بنحو 3.5 ملايين ليرة سورية.
تسرٌع