نحو 7.1 ملايين ليرة سورية لتأمين الحد الأدنى لمعيشة الأسرة السورية بنهاية أيلول 2025… الغذاء يلتهم 60٪ من المصروفات

الخبير السوري:

 مع نهاية الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، كشف تقرير حديث عن ارتفاع ملحوظ في تكاليف المعيشة في سوريا، حيث بلغ متوسط نفقات الأسرة المكوّنة من خمسة أفراد نحو 11.3 مليون ليرة سورية، في حين بلغ الحد الأدنى المطلوب لتأمين أساسيات الحياة اليومية 7.1 ملايين ليرة. وأظهر المؤشر أن تكاليف الغذاء وحدها تمثل نحو 60٪ من مصروفات الأسرة، ما يعكس الضغوط الاقتصادية المتصاعدة على السوريين وسط تراجع القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار

و بحسب ما نشرته صحيفة ” قاسيون” المحلية فإنه يتوازى هذا الارتفاع مع تدهور متواصل في المستوى المعيشي، ورغم ارتفاع الأجور الرسمية بنسبة 200%، فإنها تظل غير قادرة على تلبية سوى ثلاثة أيام تقريباً من حاجة الأسرة للاستهلاك بالحد الأدنى، ما يعكس فجوة شاسعة بين الدخل والإنفاق الضروري. وتتفاقم هذه الفجوة مع تزايد أعداد المتضررين من انقطاع الرواتب وعدم انتظامها وارتفاع معدلات البطالة عموماً.

و تبنى «مؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة»، ابتداءً من عدد جريدة قاسيون رقم 1036، منهجية محددة لحساب الحد الأدنى الضروري لمعيشة أسرة سورية مكونة من خمسة أفراد. تنطلق هذه المنهجية من مقاربة تعتمد سلة الغذاء كمدخل أساسي في تحديد الحد الأدنى من الاحتياجات المعيشية، مستندة إلى معيار حاجة الفرد اليومية إلى نحو 2400 حريرة، يتم الحصول عليها من مصادر غذائية متنوعة ومتوازنة.

لبناء هذا التقدير، يعود المؤشر إلى تصور محدد للوجبة اليومية للفرد، جرى تطويره في «مؤتمر الإبداع والاعتماد على الذات» الذي نظمه الاتحاد العام لنقابات العمال في عام 1987. في حينه، لم يهدف هذا التصور إلى تأمين البقاء الفيزيولوجي للفرد فقط، بل يتعداه إلى توفير الحد الأدنى من الطاقة اللازمة لإعادة إنتاج قوة العمل، ما يعني أن المؤشر لا يُقارب المعيشة من زاوية استهلاكية بحتة، بل يربطها بشكل مباشر بالقدرة على الاستمرار في العمل والإنتاج ضمن دورة الحياة الاقتصادية.

ووفقاً لهذه المنهجية، تُقدر كلفة سلة الغذاء الضروري بنسبة 60% من إجمالي تكاليف المعيشة، بينما تُشكل النسبة المتبقية (40%) مجموعة واسعة من الاحتياجات غير الغذائية، تشمل تكاليف السكن والمواصلات والتعليم والرعاية الصحي، واللباس والأدوات المنزلية والاتصالات، وسواها من الجوانب التي تُعد أساسية لضمان مستوى معيشي مستقر.

خلال الأشهر التسعة الماضية، اعتمدت «قاسيون» نسبة الغذاء بـ40% ونسبة الحاجات الأخرى بـ60%، لكن اليوم، ومع التدهور الاقتصادي المتسارع، ومع وجود أكثر من 90% من السوريين يرزحون تحت خط الفقر وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، نعود لاستخدام المنهجية (60% للغذاء و40% للحاجات الأخرى) بالنظر إلى كونها أقرب إلى طبيعة استهلاك العائلات السورية التي قصرت استهلاكها بشكلٍ كبير على المواد الغذائية. ولهذا، سيكون من الملاحظ للقارئ أن التقدير النهائي لتكاليف المعيشة قد انخفض بالرغم من ارتفاع أسعار جميع السلع الغذائية.

الأجور لا تغطي سوى 6.5% من وسطي المعيشة
في نهاية شهر أيلول 2025، وبسبب تغير طريقة الحساب، شهد وسطي تكاليف معيشة الأسرة السورية انخفاضاً بنحو 3,118,300 ليرة سورية عن وسطي التكاليف التي سجلها مؤشر قاسيون في نهاية شهر حزيران، حيث انتقلت هذه التكاليف من 14,497,233 ليرة في نهاية حزيران، إلى 11,378,933 ليرة في نهاية أيلول (بينما انخفض الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة بنحو 1,948,938 ليرة، منتقلاً من 9,060,771 ليرة في نهاية النصف الأول من العام، إلى 7,111,833 ليرة في نهاية أيلول)، أي أن التكاليف انخفضت فعلياً بنسبة قاربت 21.5% خلال ثلاثة أشهر (تموز، آب، أيلول).

في المقابل، ومع ارتفاع الحد الأدنى الرسمي للأجور في سورية إلى 750 ألف ليرة شهرياً، يظل الأجر شديد الهشاشة من حيث قيمته الحقيقية. وبالمقارنة مع وسطي تكاليف معيشة الأسرة كما يُقدّره «مؤشر قاسيون»، فإن هذا الأجر لا يغطي سوى نحو 6.5% فقط من الاحتياجات الأساسية لأسرة مكوّنة من خمسة أفراد، أي أقل من يومين ونصف من حاجة هذه الأسرة للاستهلاك بالحد الأدنى.

الارتفاع يطال جميع أسعار الغذاء
ارتفع الحد الأدنى لتكاليف الغذاء الأساسية الشهرية لأسرة من خمسة أفراد من 3,624,308 ليرة في نهاية حزيران إلى 4,267,100 ليرة في نهاية أيلول. وذلك بالاعتماد على وسطي أسعار مكونات سلة الغذاء في الأسواق الشعبية بالعاصمة دمشق.

حافظ سعر الخبز على نفسه ثابتاً، حيث ظلت تكلفة الـ500 غرام الضرورية للفرد يومياً تعادل 1,667 ليرة سورية. في المقابل، ارتفعت أسعار اللحوم (اللحوم الحمراء والدجاج) بنحو 22%، حيث ارتفع سعر الـ75 غرام منها من 9,375 ليرة في نهاية حزيران، إلى نحو 11,438 ليرة في نهاية أيلول.

وارتفعت أسعار الحلويات بمقدار 11.4% عن حسابات نهاية النصف الأول من العام، إذ وصلت تكلفة 112 غرام حلويات ضرورية للفرد يومياً إلى 6,860 ليرة، بينما كانت في نهاية حزيران الماضي 6,160 ليرة. وارتفعت أسعار الجبن بنسبة 68.0%، حيث ارتفع سعر 25 غرام منه من 625 ليرة في نهاية حزيران، إلى 1,050 ليرة في نهاية أيلول.

على هذا النحو، ارتفعت تكلفة البيض بمقدار 15.4%، حيث انتقلت تكلفة 50 غرام منه يومياً من نحو 722 ليرة في نهاية حزيران، إلى 833 ليرة في نهاية أيلول. بينما ارتفعت أسعار الخضار بنسبة 54.8%، حيث انتقل سعر 65 غرام منها من 1,550 ليرة في نهاية حزيران، إلى 2,400 ليرة في نهاية أيلول 2025.

وارتفعت أسعار الفواكه الموسمية بنسبة 2.4%، إذ انتقل سعر 60 غرام منها من 2,733 ليرة في نهاية حزيران، إلى 2,800 ليرة في نهاية أيلول. أما الأرز، فقد ارتفع بنحو 5.3%، منتقلاً ثمن 70 غرام منه يومياً من 1,330 ليرة في نهاية حزيران، إلى 1,400 ليرة في نهاية أيلول.

تكاليف الحاجات الأخرى الضرورية 5,4 مليون
وبسبب تغير طريقة الحساب، انخفضت تكاليف الحد الأدنى للحاجات الضرورية الأخرى التي تشكل 40% من مجموع تكاليف المعيشة (مثل السكن والمواصلات والتعليم واللباس والصحة وأدوات منزلية واتصالات… وغيره) من 5,436,463 في نهاية حزيران، إلى 2,844,733 في نهاية أيلول.

[ جديد الخبير ]