كشف عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق، كشف أن حجم البيانات الجمركية عبر المعابر وصل إلى نحو 40 ألف بيان، في مؤشر على ارتفاع كبير في الاستيراد من مختلف دول العالم، وخاصة تركيا، نتيجة الانفتاح الاقتصادي ووجود رسوم جمركية “منطقية”… لكنه حذّر من أن بعض المستوردات ما تزال بحاجة لضوابط واضحة.
لأن سوريا لا تستطيع منافسة دول الجوار بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة وغياب الدعم الحكومي الفعّال. للصادرات….
وبمناسبة حديث الحلاق في سياق محاضرة ألقاها أمس في دمشق..تجدر الإشارة إلى حالة التدفق غير التقليدية للمستوردات إلى الأسواق السورية، تقريباً أو بشكل رسمي.
تدفق مفاجئ
فقد شهد مرفأ اللاذقية مؤخراً وصول الباخرة العملاقة “MONTREAL” التابعة لشركة الشحن العالمية “CMA CGM”، وهذا منظر إليه مراقبون على أنه حدث.. ليس فقط لكون السفينة واحدة من أضخم سفن الحاويات التي تدخل المرفأ منذ سنوات، بل لأنه حمل في طياته مؤشرات على تبدّل تدريجي في موازين الحركة التجارية واللوجستية في البلاد بعد فترة طويلة من الانقطاع والعزلة.
الباخرة التي يصل طولها إلى نحو مئتي متر وعرضها 32 مترًا، وبطاقة استيعابية تقارب 2500 حاوية قياسية، وضعت على أرصفة الميناء شحنات تجارية ضخمة ومتنوعة من السلع والمواد التجارية، مما يعد دفعة قوية للأسواق المحلية ويعزز النشاط الاقتصادي في البلاد.
شحنات متنوعة
شملت الشحنات سيارات جديدة ومستعملة وجرارات زراعية وسلعًا استهلاكية وغذائية من الموز والسكر والأرز إلى المعلبات، إضافة إلى أدوات كهربائية وقطع تبديل وأسمدة ومواد بناء وأقمشة.
وتعد شركة “CMA CGM” الفرنسية، ثالث أكبر شركة شحن حاويات في العالم، وهي من المجموعات العالمية الرائدة في مجال النقل والخدمات اللوجستية، وتلعب دورًا محوريًا في التجارة العالمية، حيث تحتل مرتبة متقدمة من حيث حجم أسطول الحاويات الذي تديره.
زيارات سابقة
تدير الشركة شبكة واسعة من محطات الحاويات حول العالم، حيث تنشط في أكثر من 160 دولة وتدير أسطولًا يتجاوز 600 سفينة، وتملك شبكة محطات حاويات في مرافئ استراتيجية، بما في ذلك محطة حاويات اللاذقية الدولية، ليعزز هذا الارتباط مع شركة عالمية بهذا الحجم من مكانة المرفأ، ويعطيه زخمًا إضافيًا ليصبح جزءًا فاعلًا في سلسلة النقل العالمية.
تجدر الإشارة أيضاً إلى زيارة سابقة لباخرة حاويات أخرى تابعة للشركة نفسها، وهي “CMA CGM SAHARA”، والتي وصلت إلى مرفأ طرطوس في 8 من تموز/ يوليو الماضي، وقد وصفت تلك الزيارة بأنها الأولى من نوعها لسفينة بهذا الحجم إلى المرفأ، مما يشير إلى أن الجهود المبذولة لتعزيز القدرات التشغيلية للموانئ السورية ليست مقتصرة على مرفأ واحد.
تم توقيع الاتفاقية الجديدة مع شركة الحاويات في أيار/ مايو الماضي بين الشركة والحكومة السورية، والتي أنهت بموجبها الترتيبات السابقة مع النظام السابق.
اتفاقية طويلة الأمد
الاتفاقية الجديدة، التي وُقّعت في قصر الشعب بدمشق، تمتد لثلاثين عامًا وتتضمن التزامًا استثماريًا بقيمة 230 مليون يورو، بينها 30 مليون يورو ستضخ خلال السنة الأولى، على أن يُشرع خلال السنوات الأربع التالية في بناء رصيف جديد بطول 1.5 كيلومتر وبعمق 17 مترًا وبمواصفات عالمية، بكلفة تقدر بنحو 200 مليون يورو.
قلق
يثير توقيت هذه الاستثمارات الانتباه في ظل الأزمة الاقتصادية السورية الممتدة، فبينما تجاوز معدل التضخم السنوي 120 بالمئة وفق تقديرات منظمات أممية، وبلغ سعر صرف الليرة مستويات قياسية من التراجع، يبقى إدخال تدفقات تجارية جديدة واستقطاب استثمارات أجنبية خطوة محفوفة بالمخاطر، لكنها يرى بعض المراقبين أنها تحمل في طياتها فرصاً حقيقية لإعادة تدوير عجلة الاقتصاد.