توتر الشرق الأوسط يزيد تأهب المستثمرين لأسوأ السيناريوهات

أسعار النفط قد تقفز إلى 130 دولاراً لتدفع التضخم في الولايات المتحدة إلى ما يقارب ستة في المئة بحلول نهاية 2025

 

الخبير السوري:

يمكن أن يكون للتصعيد في الصراع آثار متباينة في الدولار، الذي تراجع هذا العام وسط مخاوف من تضاؤل التفوق الأميركي.

يدرس المستثمرون مجموعة من السيناريوهات المختلفة للأسواق في حال زادت الولايات المتحدة من تدخلها في صراع الشرق الأوسط، مع احتمال حدوث تداعيات مضاعفة إذا ارتفعت أسعار الطاقة بصورة حادة.

وركزوا على تطور القتال بين إسرائيل وإيران، اللتين تتبادلان الهجمات الصاروخية، وهو ما قد يتسبب ذلك في عمليات بيع أولية للأسهم وإقبال محتمل على الدولار كملاذ آمن بسبب المخاوف من أن يؤدي عمل عسكري أميركي محتمل ضد إيران إلى ارتفاع التضخم مما يضعف من ثقة المستهلكين ويقلل فرصة خفض أسعار الفائدة على المدى القريب.

وفي حين ارتفعت أسعار النفط الخام الأميركي بنحو 10 في المئة خلال الأسبوع الماضي، لم يشهد المؤشر “ستاندرد أند بورز 500” تغيراً يذكر حتى الآن، بعد انخفاض شهده في بداية الهجمات الإسرائيلية.

ومع ذلك يقول كبير محللي السوق لدى “بي رايلي ويلث” آرت هوجان إنه إذا أدت الهجمات إلى انقطاع إمدادات النفط الإيراني “عندها ستنتبه الأسواق وتتحرك”.

وأضاف هوجان “إذا حدث اضطراب في إمدادات المنتجات النفطية في السوق العالمية، فلن ينعكس ذلك على سعر خام ’غرب تكساس الوسيط‘ اليوم، وهنا ستصبح الأمور سلبية”.

ووضع محللون في “أوكسفورد إيكونوميكس” ثلاثة سيناريوهات تراوح ما بين خفض التصعيد في الصراع، والتعليق الكامل للإنتاج الإيراني، وإغلاق مضيق هرمز، وقالت المؤسسة في المذكرة إن “لكل منها تأثيرات كبيرة متزايدة في أسعار النفط العالمية”.

وأضافت أنه في أسوأ الحالات، ستقفز أسعار النفط العالمية إلى نحو 130 دولاراً للبرميل لتدفع التضخم في الولايات المتحدة إلى ما يقارب ستة في المئة بحلول نهاية هذا العام.

وقالت “أوكسفورد إيكونوميكس” في المذكرة “على رغم أن صدمة الأسعار ستؤدي حتماً إلى إضعاف الإنفاق الاستهلاكي بسبب تضرر الدخل الحقيقي، فإن أي فرصة لخفض أسعار الفائدة الأميركية هذا العام ستتدمر بسبب مدى زيادة التضخم والمخاوف من تداعيات لاحقة من التضخم”.

تأثير النفط

اقتصر التأثير الأكبر من الصراع المتصاعد على أسواق النفط إذ ارتفعت أسعار الخام بفعل المخاوف من تعطيل الصراع الإيراني – الإسرائيلي للإمدادات. وارتفعت العقود الآجلة لخام “برنت” بما يصل إلى 18 في المئة منذ الـ10 من يونيو (حزيران) الجري لتبلغ أعلى مستوى لها في خمسة أشهر تقريباً عند 79.04 دولار الخميس.

وتجاوز ارتفاع توقعات المستثمرين لمزيد من التقلبات على المدى القريب في أسعار النفط زيادة توقعات التقلبات في الأصول الرئيسة الأخرى، مثل الأسهم والسندات.

اقرأ المزيد

    “وول ستريت” أمام استحقاق صعب لـ”بيع السندات”

    أسواق النفط تراقب التطورات وسط تحذيرات من تصاعد التوتر

    الأسهم الأوروبية تواصل الصعود بدعم من قطاع الرعاية الصحية

إلا أن المحللين يرون أن الأصول الأخرى، مثل الأسهم، لا يزال من الممكن أن تتأثر بالتداعيات غير المباشرة لارتفاع أسعار النفط، لا سيما إذا قفزت أسعار الخام في حال تحققت أسوأ مخاوف السوق وهو تعطل الإمدادات.

وكتب محللو “سيتي غروب” في مذكرة “تجاهلت الأسهم إلى حد كبير التوتر الجيوسياسي لكن النفط تأثر به”.

وأضافوا “بالنسبة إلينا، سيأتي التأثير في الأسهم من تسعير سلع الطاقة”.

 لا تأثير في أسواق الأسهم

نجت الأسهم الأميركية حتى الآن من تأثير التوتر المتصاعد في الشرق الأوسط من دون أي دلالة على الذعر، ومع ذلك قال المتعاملون إن انتظام الولايات المتحدة بصورة مباشرة أكثر في الصراع قد يؤدي إلى إثارة الذعر في الأسواق.

وقال سبيندل من شركة “بوتوماك ريفر كابيتال” إن مع مرور الأيام أصبحت الأسواق تركز بصورة متزايدة على الشرق الأوسط. وأضاف “يمكن لسوق الأسهم أن تستوعب شيئاً واحداً فقط في كل مرة، وفي الوقت الحالي نركز جميعاً على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستدخل في هذا الصراع ومتى ستدخله”.

وقد تشهد أسواق المال عمليات بيع أولية في حال هاجم الجيش الأميركي إيران، إذ يحذر الاقتصاديون من أن ارتفاعاً كبيراً في أسعار النفط قد يضر بالاقتصاد العالمي الذي يعاني بالفعل ضغوطاً بسبب الرسوم الجمركية التي يفرضها ترمب.

ومع ذلك يشير التاريخ إلى أن أي تراجع في الأسهم قد يكون عابراً، فخلال الأحداث البارزة السابقة التي أدت إلى توتر في الشرق الأوسط، مثل غزو العراق عام 2003 والهجمات على منشآت النفط السعودية عام 2019، تراجعت الأسهم في البداية ولكنها سرعان ما تعافت لترتفع في الأشهر التالية.

وأظهرت بيانات “ويدبوش سيكوريتيز” و”كاب آي كيو برو” أن المؤشر “ستاندرد أند بورز 500” تراجع في المتوسط 0.3 في المئة في الأسابيع الثلاثة التي أعقبت بدء صراع، لكنه عاود الصعود 2.3 في المئة في المتوسط بعد شهرين من اندلاع الصراع.

محنة الدولار

يمكن أن يكون للتصعيد في الصراع آثار متباينة في الدولار، الذي تراجع هذا العام وسط مخاوف من تضاؤل التفوق الأميركي.

وقال محلل العملات الأجنبية وأسعار الفائدة العالمية في مجموعة “ماكواري” تييري ويزمان في مذكرة “من المرجح أن يقلق المتعاملون أكثر من التآكل الضمني لشروط التجارة الخاصة بأوروبا والمملكة المتحدة واليابان، وليس الصدمة الاقتصادية للولايات المتحدة، وهي منتج رئيس للنفط”. وأضاف “نتذكر أنه بعد هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول) 2001، وخلال الوجود الأميركي في أفغانستان والعراق الذي استمر عقداً من الزمن، ضعف الدولار الأميركي”.

اندبندنت عربية

[ جديد الخبير ]