طغى العامل النفسي على سوق الذهب في سوريا بالتوازي مع ارتفاع أسعار المعدن الثمين في الأسواق المحلية كما العالمية، في تداخل تأثّر وتأثير بين السبب المعنوي والآخر المرتبط بالقيمة السوقية، ليبقى معدل الارتفاع في السوق السورية أكثر بقليل من معدل الارتفاع العالمي، وهي “علاوة الأثر النفسي” كما يسميها الخبراء.
إذ رغم القفزات السعرية غير المسبوقة، يواصل مكتنزو الدولار والأسرة السورية التخلي عن مدخراتهم النقدية واستبدالها بالليرات الذهبية أو الأونصات “لكبار حائزي المدخرات” أو حتى المشغولات المرشحة الخسارة لدى البيع، وبدأ واضحاً تفضيل السوريين للذهب كأداة ادخار واستثمار آمن في ظل الأنباء عن تهافت الدول الكبرى والبنوك المركزية على الشراء والادخار، وزيادة الضبابية الاقتصادية.
ويعتبر خبراء اقتصاد ومستثمرون في قطاع المجوهرات السوري، أن أسعار الذهب في السوق السورية تتصدر اهتمامات المتابعين بشكل غير مسبوق، على الرغم من الضائقة المعيشية وشح السيولة والوضع الاقتصادي المنهار، وهذه مفارقة استرعت اهتمام الكثير من المراقبين.
فالظاهرة يمكن تفهمها بشكل عام في مختلف دول المنطقة التي تحظى باستقرار اقتصادي نسبي، نظراً لارتفاع الأسعار العالمية التي تجاوزت فيها الأونصة حاجز 4300 دولار لأول مرة، ليعزز الذهب مكانته كأفضل وعاء ادخاري مقارنة ببقية أدوات الاستثمار.
وفي جواب على سؤال “الخبير السوري” لبعض المتابعين والخبراء، ينصح هؤلاء كل من يسأل بالشراء في الوقت الحالي للاستفادة من الاتجاه الصاعد، مع ضرورة التعامل مع مصادر موثوقة والحصول على فاتورة مختومة تتضمن الوزن والقيمة لحماية الحقوق القانونية، ولا ينصحون بالبيع إلا في حالات الحاجة الملحة للسيولة، نظرًا لضعف احتمالات تراجع الأسعار في الأجل القريب.
و بكثير من الحذر يتوقع الخبراء، استمرار الاتجاه الصاعد للمعدن الأصفر عالميًا في ظل حالة الضبابية الاقتصادية، ومخاطر إغلاق الحكومة الأمريكية، وتزايد مشتريات البنوك المركزية حول العالم من الذهب لتعزيز احتياطاتها.. لكنهم لايضمنون عدم حصول مفاجآت قد تتسبب بخسائر كبيرة لكبار المدخرين.
على الصعيد العالمي، سجل الذهب مستوى قياسيًا جديدًا فوق 4,300 دولار للأونصة اليوم الجمعة، متجهًا لتحقيق أفضل أداء أسبوعي له منذ خمس سنوات، وفقًا لتقرير شبكة “سي إن بي سي”، التي أرجعت هذا الارتفاع إلى ضعف البنوك الإقليمية الأمريكية، وتصاعد التوترات التجارية، وتزايد التوقعات بخفض معدلات الفائدة، ما عزز مكانة المعدن النفيس كأكثر الملاذات أمانًا في الأسواق العالمية.
إلا أن خبراء ومراصد عالمية تنصح بعدم الانجرار وراء المشهد الراهن الملتهب بشكل غريزي، وضرورة تنويع المحافظ الادخارية بين الذهب وسلة عملات متنوعة على طريقة “لا تضع البيض كله في سلة واحدة”.