عصف ذهني في “المالية” بشأن القروض المتعثرة..خبير يقترح حلولاً بنفحة العدالة الاجتماعية

الخبير السوري ـ نهى علي:

تجري هذه الأيام في أروقة وزارة المالية، جلسات عصف ذهني لإنهاء وحسم ملف القروض المتعثرة التي تراكمت لتشكل كتلة كبيرة من ديون مستحقة للمصارف أدرجت تحت بند ” مشكوك في تحصيلها”، فيما اعتبرها بعض كبار المقترضين الهاربين ديوناً معدومة.

مهمة صعبة

وإن كانت المداولات تركز على إعادة الجدولة بالنسبة للقروض الممنوحة من البنوك السورية، فإن مايواجه اللجنة المتخصصة التي تعمل في “المالية” هو قروض بنك الاستثمار الأوروبي التي تم منحها على دولار بسعر 50 ليرة سورية، واليوم سعر الصرف 11 ألف ليرة للدولار.
وثمة مشكلة أخرى أكثر تعقيداً تتعلق بالقروض الشخصية التي استجرها موظفين في القطاعين المدني والعسكري وقد تم صرف أصحابها من الخدمة، وهنا تبدو المشكلة أكبر فيما يخص قروض العسكريين.

ترقّب
يترقب الجميع الطريقة التي ستلوذ بها اللجنة والخيارات التي ستسلكها لتجاوز وحسم هذا الملف الشائك فعلاً..؟

وهنا يُسلّم الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، بأن مشكلة القروض المتعثرة من أبرز التحديات التي تواجه القطاع المصرفي في سوريا، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد منذ سنوات.
ويرى في تصريح خاص لصحيفتنا “الخبير السوري” أن هذه المشكلة لا تقتصر على رجال الأعمال فحسب، بل تمتد لتشمل شريحة واسعة من الموظفين المدنيين والعسكريين الذين خرجوا من الخدمة أو فُصلوا من أعمالهم..

أي ثمة تعقيدات حقيقية في المشهد المصرفي، يراها الخبير قوشجي تتعلق بقروض رجال الأعمال من جهة، ثم بقروض المسرحين أو المفصولين من أعمالهم من جهة ثانية.

قروض رجال الأعمال

بالنسبة لرجال الأعمال..يرى الخبير المصرفي أنه غالباً ما تكون الحلول المتاحة لهم أكثر مرونة، مثل إعادة جدولة القروض، أو منحهم تسهيلات إضافية تساعدهم على استعادة نشاطهم الاقتصادي، وبالتالي القدرة على السداد.

عقدة العقد

لكن المشكلة الأعقد التي يراها د. قوشجي، تتعلق بالموظفين المفصولين أو المسرّحين.. فهنا تكمن المعضلة الحقيقية، إذ أن توقف الرواتب يعني غياب المصدر الأساسي للسداد، كما أن الكفلاء في كثير من الحالات لم يعودوا قادرين على تحمل العبء أو لم يعودوا على رأس عملهم أيضاً.

 

د. قوشجي: إعفاءات مؤقتة أو إعفاءات من غرامات وفوائد التأخير للمقترضين الذين ثبت تعثرهم بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم

خيارات الحلّ

في ضوء المعطيات الحالية، يقترح الخبير المالي والمصرفي د. قوشجي مجموعة من الحلول التي تتسم بالواقعية والعدالة.
أولها.. الإعفاء الجزئي أو المؤقت، إذ يمكن منح إعفاءات مؤقتة أو إعفاءات من غرامات وفوائد التأخير للمقترضين الذين ثبت تعثرهم بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم، كالحرب أو التسريح القسري، هذا الإجراء يمكن أن يكون مشروطاً بإثبات الحالة الاجتماعية والمالية، ويُنفذ ضمن إطار زمني محدد.

 

 إعادة الموظفين المفصولين إلى أعمالهم أو إحالتهم إلى التقاعد الرسمي، بما يتيح اقتطاع الأقساط من الرواتب

الخيار الثاني..إعادة المقترضين إلى الخدمة أو إحالتهم إلى التقاعد، أي أن يتم إعادة الموظفين المفصولين إلى أعمالهم أو إحالتهم إلى التقاعد الرسمي، بما يتيح اقتطاع الأقساط من الرواتب أو المعاشات التقاعدية، فهذا الحل يتطلب تنسيقاً بين الجهات الحكومية والمصرفية، ويُعدّ من أكثر الخيارات استدامة.

توازن

من المهم هنا برأي الخبير قوشجي أن تراعي الحلول المطروحة مبدأ العدالة الاجتماعية، أي التوازن بين الحقوق والواجبات..بحيث لا يُترك المقترض المتعثر فريسة للإجراءات القضائية القاسية، وفي الوقت ذاته تُحفظ حقوق المصارف والدولة وأموال المودعين.
فتجاوز هذه الأزمة يتطلب رؤية شاملة، تتكامل فيها السياسات المالية مع البنية القانونية والاجتماعية.

[ جديد الخبير ]