يتداول رجال الأعمال السوريين تساؤلات حول ماباتوا يرونه “الرجل الغامض”، الذي عُرف عنه دعمه اللامحدود لمقاتلي فصائل المعارضة في الشمال السوري، ومن ثم قُربه من الرئيس أحمد الشرع بعد انتصار الثورة..لكنه لم يقترب من الحياة السياسية ولم يتبوأ أي منصب حكومي. ويزداد الرجل غموضاً من خلال كتاباته ومنشوراته التي تبدو خارجة عن السياق المؤدلج الذي اختار بعض رجال الأعمال الخوض فيه بحثاً عن مكاسب بشكل أو بآخر. مهند المصري..رجل أعمال سوري شاب، من أبرز الداعمين والممولين للثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، عُرف بإصراره على إيصال إمدادات التمويل لثوار الشمال عبر قنوات ومسالك صعبة بل ووعرة بكل معنى الكلمة. دفع المصري أهم ما يملك ثمناً لتضحياته.. حريته الشخصية ودخول السجن في الخارج لردح من الزمن. حرره الرئيس أحمد الشرع من السجن بمساعٍ دبلوماسية وبجهد شخصي منه، ثم اصطحبه معه على الطائرة الرئاسية إلى سوريا، ليكون بنظر السوريين وفق المزاج الشعبي النمطي”صديق الرئيس” بعد أن بادله الأخير الوفاء بالوفاء. عاود المصري استئناف حياته في سوريا كرجل أعمال يمارس نشاطه الاقتصادي، لكن بدون ضجيج.
يزداد الرجل غموضاً في عيون السوريين ورجال الأعمال، بما ينشره من رؤى تطويرية ووجهات نظر جريئة في الشأن السوري وخيارات بناء الدولة وإدارتها.. وهو صاحب منشور لافت على حسابه الشخصي في فيسبوك وأنستغرام.. زاده غموضاً في ذهن كل متابع “نحن نؤمن أن بناء الدولة لا يحتاج خطباء ومشايخ في المؤسسات، بل يحتاج إلى رجال دولة، وخبراء اقتصاد، وحماة قانون، وعمالة مهنية متخصصة في كل المجالات، أي كل يعمل في اختصاصه، ومسؤولين يعرفون أن العدالة لا تٌجزأ، وأن الدولة تُبنى بكل مكوناتها، وأن اقصاء الكفاءات يعيد انتاج الفساد والمحسوبيات والنفاق”. وقد التقط بعض المتابعين ماكتبه على أنه انتقاد مباشر من “صديق الرئيس” لإدارة صديقه.
يرى المصري أن “من حق كل سوري أن يشارك في كل تفاصيل بناء دولته، ولا إقصاء لأحد في دولة العدالة والقانون، فالاقتصاد، والإدارة، والمجتمع المدني وكل جهات العمل في سوريا بحاجة إلى جهود جميع السوريين، من كل المكونات، وفي كل مناطق سوريا، دون استثناء”. اليوم يترقب كثيرون مستقبل رجل الأعمال مهند المصري، فالعقل التقليدي السوري ربما لم يقتنع بعد بالفصل بين العلاقة الشخصية والعمل المؤسساتي، وهذه ليست تهمة بقدر ماهي تشخيص لخصلة ملتوية أنتجتها عقود وسنوات من الفساد والتجاوز و “سطوة الامتياز” التي أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار.