سيف الإسلام القذافي يكشف اسرار صفقة والده مع ساركوزي

الخبير السوري:
قال سيف الإسلام القذافي  إنه أشرف على عملية نقل 5 ملايين يورو من الأموال الليبية إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوي.
فبعد سنوات من الصمت، تحدث سيف الإسلام القذافي، ابن الزعيم الليبي السابق، معمر القذافي، عن “تمويل حملة ساركوزي الرئاسية في 2007”. وقال في حوار مكتوب مع إذاعة فرنسا الدولية، إنه أشرف شخصيا على نقل 5 ملايين يورو إلى الرئيس الفرنسي السابق.

وأوضح أن نصف المبلغ كان لتمويل الحملة الرئاسية، والنصف الثاني مقابل إسقاط التهم عن 6 ليبيين مدانين بتفجير طائرة يو تي أي الفرنسية، التي قتل فيها 170 شخصا، في 1989. وفي مقدمة المدانين، صهر القذافي ومدير مخابراته، عبد الله السنوسي.

وأضاف أن ساركوزي تطرق إلى “تمويل حملته الانتخابية” مع الزعيم الليبي، معمر القذافي، شخصيا في طرابلس في 2005، ثم أجرى مكالمة هاتفية مع السنوسي، بهذا الخصوص. ولكن الرئيس الفرنسي السابق ينفي كل هذه الاتهامات، ويصفها بأنها بدافع الانتقام.

لماذا قتل القذافي؟

تطرح إدانة ساركوزي في قضية “التمويل الليبي” العديد من التساؤلات بشأن الدور الفرنسي في الحملة العسكرية، التي أسقطت نظام معمر القذافي في 2011 من بينها ما إذا لم يكن قتل القذافي يوم 20 أكتوبر تشرين الأول بهدف “دفن أسرار” علاقته مع الرئيس الفرنسي السابق.

فبعد انتخابه رئيسا في 2007، استقبل ساركوزي الزعيم الليبي، معمر القذافي، استقبالا “تاريخيا” في باريس. ووقع معه على اتفاقيات بقيمة 10 مليارات يورو، تشمل صفقات بيع 21 طائرة إيرباص لطرابلس، ومساعدتها في تطوير الطاقة النووية.

وكانت الشركات الفرنسية في يناير 2011، بصدد تزويد ليبيا ببرمجيات متطورة، لابد أنها حصلت بشأنها على موافقة المؤسسات الأمنية والسياسية العليا في البلاد. وكان الرئيس الفرنسي يعتمد على علاقاته الجديدة مع القذافي لاستعادة نفوذ فرنسا في أفريقيا.

وفي مارس آذار 2011، شنت فرنسا بالتعاون مع بريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا وكندا حملة “فجر الأوديسة”. وكان الهدف منها، وفق قرار مجلس الأمن الدولي، فرض حظر طيران على ليبيا لحماية المدنيين في بنغازي من “هجوم وشيك” لقوات النظام.

وخرج القذافي في أكتوبر تشرين الأول من مدينة سرت، بعد سيطرة المتمردين عليها. وتعرض موكبه في الطريق إلى غارة جوية، أصيب فيها. وظهر في صور نشرتها تلفزيونات العالم وهو مضرج بالدماء والمتمردون ينهالون عليه ضربا.

ونقل بعدها إلى مسراتة. وأعلن عن مقتله يوم 20 أكتوبر تشرين الأول. ولا يعرف إلى اليوم من قتله، ولا لماذا قتل بتلك الطريقة. ولابد أن القذافي أخذ معه إلى قبره أسرارا، ومعلومات لا تزال خفية بشأن علاقاته بالرئيس الفرنسي السابق.

تهمة جديدة لساركوزي

وفي 2021، وسعت السلطات القضائية الفرنسية تحقيقاتها في قضية “التمويل الليبي”، لتشمل شبهة جديدة وهي “رشوة مسؤولين في دولة أجنبية”. ويجري التحقيق مع 11 شخصا يشتبه في أنهم دبروا تراجع اللبناني زياد تقي الدين عن اتهامه لساركوزي بتلقي الأموال الليبية.

وكان اللبناني  تقي الدين يزعم لسنوات أثناء التحقيق معه أنه حمل شخصيا الأموال الليبية إلى كلود غيون في مكتبه، وأن ساركوزي كان علم بذلك. ولكنه قال في حوار مع مجلة باريس ماتش في 2020 إن الرئيس السابق لم يتلق أي أموال من نظام معمر القذافي.

ويتشبه المحققون في أن تقي الدين، الذي توفي سبتمبر أيلول 2025، تلقى أموالا من محيط ساركوزي للتراجع عن شهادته. ويعتقد أن العملية التي تعرف باسم “أنقذوا ساركو” من تدبير ميمي مارشون وصديقتها كارلا بروني، وأنها تمت بعلم وموافقة الرئيس السابق.

وينفي ساركوزي وزوجته كارلا بروني أي علاقة لهما بالعملية. ولكن نويل دوبيس، أحد المشتبه في أنهم دبروا تراجع تقي الدين عن شهادته في بيروت، قال للمحققين، إن مارشون أخذته معها لمقابلة ساركوزي في بيته ثلاث مرات في 2020 و2021.

ويبحث المحققون في قضية أخرى مرتبطة بالرئيس السابق و”التمويل الليبي”، وهي أن بعض المشتبه فيهم حاولوا في ربيع 2021 التفاوض على الإفراج عن حنبعل القذافي، المسجون وقتها في لبنان. ومقابل ذلك يحصلون على تصريحات من عائلته تبرئ ساركوزي.

هل يعود ساركوزي إلى السجن؟
تبدأ محكمة الاستئناف في مارس آذار المقبل النظر في الحكم على الرئيس الفرنسي السابق بالسن 5 سنوات، بعد إدانته “بتشكيل عصابة أشرار” في قضية “التمويل الليبي”. وسيتمكن ساركوزي من الدفاع عنه نفسه خارج أسوار السجن، بعدما استفاد من الإفراج المؤقت.

ويؤكد خبراء القضاء أن الإفراج المؤقت عن الرئيس السابق لا يعني أبدا أن محكمة الاستئناف ناقضت في قرارها الحكم الصادر عن الابتدائية. ولا ينبغي أن يفهم منه أن محكمة الاستئناف تميل إلى تبرئة ساركوزي من الأفعال التي أدين بها.

ويرون أن قرار محكمة الاستئناف مفتوح على ثلاثة احتمالات هي: تأييد الحكم والسجن 5 سنوات، أو إلغاؤه، وإخلاء سبيل ساركوزي، لعدم كفاية الأدلة. ولكنها قد تقرر رفع العقوبة، إذا قبلت بعض التهم، التي أسقطتها المحكمة الابتدائية، مثل الفساد السلبي واختلاس الأموال.

وفي قضية “التمويل الليبي” نفسها، يواجه ساركوزي محاكمة جديدة بتهمة “التأثير على الشهود”، رفقة زوجته كارلا بروني، وصديقتها سيدة الأعمال، ومصورة المشاهير، ميشال “ميمي” مارشون، التي هي مقربة أيضا من بريجيت، زوجة الرئيس إيمانويل ماكرون.

يعتقد المحامون أن ساركوزي قد يعود إلى السجن، بناء على قرار محكمة الاستئناف، أو في قضية “التأثير على الشهود” التي تليها. ولكنهم يشيرون إلى أنه سيستفيد من الظروف المخففة، لأن القانون الفرنسي يتيح تكييف عقوبة السجن للمدانين، إذا بلغوا 70 سنة من العمر.

ففي 2024، حكم على ساركوزي بالسجن ثلاث سنوات، بعدما أدانته بالفساد واستغلال النفوذ عندما سعى لدى أحد القضاة للحصول على معلومات تساعده في قضية أخرى. وبدل دخول السجن، أمرته المحكمة بوضع سوار إلكتروني في رجله.

[ جديد الخبير ]