بمناسبة مؤتمر البرازيل للتغيرات المناخية cop30 حوار مع (د. زياد ايوب عربش مستشار في شؤون الاقتصاد والطاقة)
حول أهمية مشاركة الدول العربية في مؤتمر الCOP30: المسؤولية المشتركة عالميا لكن المتباينة، وضرورة “تفعيل” حقوق الدول العربية في الإتفاقيات الإطارية لمواجهة الآثار الكارثية للتغيرات المناخية.
س١: بداية ماذا يعني مؤتمر COP30، ومن هم المدعون لحضوره، وما هي دول المرفق الأول؟
* يمثل مؤتمر COP30 الدورة الثلاثون لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، حيث تجتمع الدول الأعضاء والمنظمات الدولية ومممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص لمناقشة وضع وتنفيذ السياسات المناخية العالمية. فدول “المرفق الأول” هي مجموعة من 38 دولة متقدمة صناعيا، تشمل معظم الدول الأوروبية، الولايات المتحدة، كندا، اليابان وبعض دول شرق أوروبا، وهي تتحمل مسؤولية تاريخية أكبر في انبعاثات الغازات الدفيئة ويترتب عليها التزامات أكثر صرامة بموجب اتفاقية كيوتو. ويأتي المؤتمر بعد COP29 الذي ناقش تنفيذ البرامج والالتزامات المناخية، بينما COP31 سيتم الإعلان عن مكانه بعد انتهاء COP30 ويعد استمرارا” للمسار التفاوضي الدولي ومنذ اتفاقية كيوتو المناخ وماتلاها.
ان هذا التنقل الدوري ضروري لتقييم التقدم الدولي وتعزيز السياسات المناخية.
س٢: ما هي اتفاقية كيوتو وما هو مبدأ المسؤولية المتباينة، وكيف تؤثر على الدول العربية؟ وكيف تترابط اتفاقية باريس وحقوق الكربون بهذه الاتفاقيات؟
* عمليا تعتبر اتفاقية كيوتو (1997) أول اتفاقية بشأن المناخ وملزمة قانونيا وتهدف إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة من قبل الدول الصناعية (دول المرفق الأول)، حيث إلتزمت هذه الدول بخفض انبعاثاتها إلى مستويات 5% أقل من مستويات عام 1990 خلال فترة الالتزام الأولى (2008-2012).
ومبدأ المسؤولية المتباينة ينص على أن الدول الصناعية تتحمل العبء الأكبر بسبب إسهامها التاريخي في التلوث، ويُطلب من الدول النامية، منها العربية، تحمل مسؤوليات أقل ومساعدة في التكيف وتمويل التنمية المستدامة.
بالتالي فحقوق الكربون هي آليات تسمح للدول الملتزمة بخفض الانبعاثات بأن تشتري أو تباع حصصا من الانبعاثات (أسواق الكربون)، إلا أن الدول العربية استفادت قليلاً من هذه الآليات نتيجة ضعف البنية المؤسسية وقلة الموارد التقنية.
أما اتفاقية باريس (2015) فجاءت لتجديد وتعزيز إطار العمل من اتفاقية كيوتو، وتهدف إلى الحد من ارتفاع الحرارة بحلول نهاية القرن إلى أقل من 2 درجة مئوية، مع التأكيد على ضرورة مشاركة جميع الدول في التخفيف والتكيف، مع مراعاة المسؤولية المتباينة والقدرة على التنفيذ.
ان الدول العربية، ورغم ما تعانيه من آثار مناخية شديدة مثل شح المياه وارتفاع درجات الحرارة، لم تستفد بشكل مناسب من دعم هذه الاتفاقيات واتفاقية باريس بسبب ضعف التمويل والتقنية، وهو ما يشكل تحديا كبيرا”.
س٣: ما هي أهم الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية التي تعمل في مجال البيئة والتنمية، وما دورها في مؤتمر COP30؟
* هناك العديد من المنظمات وتتكامل في أدوارها شرط حُسن الاستفادة مما تقدمه من خبرات نوعية وتوجيه عملها ومنها:
• برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP): ينسق الجهود البيئية الدولية ويوفر الدعم الفني.
• صندوق المناخ الأخضر (GCF): يمول مشاريع التكيف والتخفيف في الدول النامية.
• منظمة الأغذية والزراعة (FAO): تعمل على إدارة الموارد الطبيعية المتعلقة بالمناخ والزراعة.
• البنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية: تدعم التمويل الإنمائي المستدام.
• وهناك المنظمات الإقليمية مثل الجامعة العربية والهيئة الاقتصادية لأفريقيا: تساعد في التنسيق الإقليمي وتعبئة الموارد.
ان هذه الهيئات تترابط مع مؤتمر COP30 عبر الدعم المالي والفني واللوجستي مع مطالب الدول العربية بتحسين التنسيق والتمكين للاستفادة الفعلية.
س٤: هل تحقق الدول العربية استفادة كافية من مؤتمرات تغير المناخ السابقة مثل COP29، أو هل هناك فرص مهدرة؟
* بالفعل تعاني الدول العربية من ضعف في الاستفادة من التمويل الدولي والآليات التقنية المتاحة، بسبب:
• نقص القدرات التقنية والمؤسسية لإدارة المشاريع المناخية.
• الأوضاع السياسية والاقتصادية المتقلبة التي تحد من جذب الاستثمارات.
• غياب استراتيجيات وطنية وإقليمية واضحة ومتكاملة للتعامل مع تغير المناخ.
فعلى الرغم من مشاركة الدول العربية (واحيانا لاتشارك كل الدول بالاجتماعات التحضيرية ومنها يأتي متأخرا ودون تحضير جيد او تمثيل فعلي للفعاليات المجتمعية) فان كثير من الفرص لا تزال مهدورة، وغير مستغلة أو بتنفيذ مشاريع بشكل عشوائي ودون نتائج خاصة” مع بيروقراطية المنظمات الدولية واستقدام خبراء ليسوا مؤهلين وبالتالي هناك حاجات ملحة لتبني خطط الوطنية والتنسيق بين كل الفاعلين مع تتبع المشاريع.
س٥: كيف يمكن للدول العربية تعزيز دورها وموقعها في المؤتمرات الدولية لتغير المناخ؟
* يمكن تحقيق ذلك عبر:
• توحيد المواقف والتنسيق الإقليمي بين الدول العربية لمزيد من الفاعلية.
• تطوير خطط مناخية وطنية علمية وواقعية.
• تحسين القدرات التقنية والمؤسسية الوطنية خاصة وان بعض الدول العربية وتركيا لديهم خبرات أصبحت متقدمة في هذا المجال.
• جذب التمويل والدعم الفني من الهيئات الدولية عبر شراكات قوية.
• استخدام أدوات الدبلوماسية الإعلامية لرفع الوعي الدولي بخصوص خصوصية تحديات المنطقة.
س٦: ما هي التحديات الأساسية التي تواجه الدول العربية في تنفيذ اتفاقيات المناخ، وكيف يمكن معالجتها لتعزيز التنمية المستدامة؟
* تشمل التحديات:
• ضعف الموارد المالية والتقنية اللازمة.
• ضعف البنية التحتية الإدارية والعلمية.
• التوترات السياسية وتأثيرها على الاستقرار الاقتصادي.
• نقص بيانات مناخية دقيقة وشاملة. وبالتالي لابد من:
• تعزيز التعاون الإقليمي والدولي.
• بناء القدرات الفنية والإدارية.
• تحسين جمع البيانات والمعلومات المناخية.
• تطوير سياسات بيئية متكاملة تدعم التنمية المستدامة، مع الالتزام بالاتفاقيات المناخية الدولية.
س٧- كيف تنظرون لدور إسرائيل في السياق الإقليمي للتغيرات المناخية ؟
* بداية، تُفسر عملية فقدان الموارد لصالح إسرائيل في السياق الإقليمي من خلال عدة محاور جيوستراتيجية حيث تستغل اسرائيل التحولات الإقليمية وتوسع من علاقاتها وبنيتها الاقتصادية وأمنها السياسي لتعزيز وجودها وسيطرتها على موارد طبيعية مهمة في المنطقة، خصوصا في الأراضي الفلسطينية المحتلة. هذا يشمل السيطرة على المياه والغابات وأراضٍ زراعية وغيرها من الموارد التي كانت جزءًا من الأصول الطبيعية للدول العربية وفلسطين.
فالموقف الإسرائيلي خلف هذا التوجه يرتكز على الحفاظ على ميزان القوى الإقليمي لصالحها، مع توظيف المنعطفات السياسية مثل اتفاقيات التطبيع مع دول عربية وبعض الحكومات الداعمة أو المتحالفة مع إسرائيل. كما أن التدخلات الإقليمية والدولية، خصوصا التحولات في دعم الولايات المتحدة، تسهل تعزيز الحضور الإسرائيلي كقوة إقليمية رئيسية تبني تحالفات أمنية وسياسية واقتصادية محافظة على مصالحها. هذا الوضع ينتج عنه:
فقدان مباشر وغير مباشر للموارد لمصلحة إسرائيل، مما يضعف القدرات التنموية للدول العربية.
س٨: ماهي التحديات الاستراتيجية التي تعترض جهود التنمية المستدامة في المنطقة؟.
* لطالما مشاكل المنطقة متداخلة وكلها معنية بالتغيرات المناخية وعلى مركب واحد ان صح التعبير فلابد من تعزيز العمل العربي المشترك وليس إضعاف دور الجامعة العربية ومؤسسات التعاون الإقليمي، مما يسمح من زيادة قدرتها على مواجهة هذا النفوذ الإسرائيلي المتزايد واعتماد سياساتها الوطنية. سيما وان التوازن غير المستقر يزيد من حالة التوتر والفوضى التي تستغلها إسرائيل لتعزيز وجودها وأجندتها الاستراتيجية بأدوات سياسية وعسكرية واقتصادية، مما يفاقم من أزمة الموارد والتحديات الاقتصادية والبيئية لدى الدول العربية.
*بالنتيجة تكتسب مشاركة الدول العربية في مؤتمر COP30 اهمية بالغة في تعزيز صوتها الدولي، وضمان استفادتها من حقوقها في ظل المسؤولية التاريخية للدول المتقدمة عن تغير المناخ، مع ضرورة تجاوز التحديات لتعزيز التنمية المستدامة والقدرة على التكيف مع الآثار المناخية التي تواجهها المنطقة.