كشف تقرير مطول لموقع “Middle East Eye” البريطاني عن كواليس التحركات الإسرائيلية المتسارعة في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد وتولي أحمد الشرع السلطة. فبينما كان العالم يترقب شكل العلاقات الجديدة، اختارت تل أبيب لغة التصعيد العسكري الشامل لتدمير القدرات الاستراتيجية السورية وفرض واقع جغرافي جديد.
من القصف الجوي إلى التوغل البري: أهداف إسرائيل الحقيقية
لم تكتفِ إسرائيل بشلّ حركة سلاح الجو والأسطول البحري السوري، بل انتقلت سريعاً إلى “الغزو البري” في الجنوب، مسيطرةً على مساحات شاسعة تجاوزت مساحة قطاع غزة. ورغم تذرع وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأن العمليات تهدف لحماية المستوطنات، إلا أن التحليلات تشير إلى أجندة أعمق تشمل:
إضعاف الدولة السورية: تحويل سوريا إلى مقاطعات طائفية متناحرة (النموذج الليبي).
وقطع شريان المقاومة: إنهاء خطوط إمداد الأسلحة الإيرانية المارة عبر سوريا.
ثم تطويق النفوذ التركي: إخراج أنقرة من المشهد الشمالي السوري.
أشار التقرير إلى محاولات إسرائيلية لاستمالة الدروز في الجنوب والأكراد في الشمال كحلفاء استراتيجيين. وبرز في هذا السياق تحول موقف الزعيم الدرزي الشيخ حكمت الهجري، الذي انتقل من رفض الاحتلال الإسرائيلي إلى تبني خطاب انفصالي يطالب بتدخل دولي في السويداء، واصفاً إياها باسمها العبري “جبل باشان”، وذلك عقب اشتباكات دموية مع مجموعات بدوية أدت لانسحاب القوات الحكومية.
صراع “الأجواء” بين أنقرة وتل أبيب
كشف “Middle East Eye” عن معركة خفية بين تركيا وإسرائيل للسيطرة على القواعد الجوية الحيوية مثل قاعدة T4 ومطار تدمر. فبينما كانت أنقرة تسعى لتركيب أنظمة دفاع جوي متطورة ضمن اتفاقية دفاعية مع دمشق، قامت إسرائيل بقصف هذه المواقع مراراً لإحباط المخطط التركي.
ورغم التوتر الدبلوماسي وإصدار مذكرات توقيف تركية بحق نتنياهو ووزرائه، إلا أن الموقف العسكري الميداني لأنقرة اتسم بـ”الحذر الشديد”، مما سمح لإسرائيل بملء الفراغ العسكري في الجنوب.
موقف أحمد الشرع والمراهنة على “ورقة ترامب”
في ظل هذا الحصار العسكري، توجه الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، نحو السعودية والولايات المتحدة طلباً للدعم. وبينما أبدى دونالد ترامب ومبعوثه توم برّاك دعماً لرفع “عقوبات قيصر” وبناء دولة سورية مزدهرة، يبدو أن الجيش الإسرائيلي ينظر بريبة لهذا التقارب، معتبراً أن سوريا “ليست دولة تاريخية” بل مجرد تجمع طوائف.
الخلاصة: هل تتجاوز إسرائيل حدود قدراتها؟
يختتم التقرير بالإشارة إلى أن نشوة الانتصارات العسكرية الإسرائيلية على عدة جبهات (لبنان، غزة، وإيران) قد تدفعها لتجاوز قدراتها الواقعية. ومع إصرار نتنياهو على عدم الانسحاب من جنوب سوريا، قد تتحول الساحة السورية من “فرصة للهيمنة” إلى “نقطة تحول” تضع حداً للطموحات العسكرية التوسعية الإسرائيلية.