أسواق الأسهم الخليجية… من يربح ومن يخسر بخفض الفائدة؟

* خفضت البنوك المركزية الخليجية أسعار الفائدة لديها بمقدار 25 نقطة أساس الأربعاء الماضي

* فرص واعدة في بعض القطاعات وخسائر محتملة في أخرى والمستثمرون بين الترقب والمغامرة

كتب غالب درويش/ اندبندنت عربية

يرى المحللون إلى أن القطاع البنكي سيكون من أكثر القطاعات تضرراً من القرار، إذ قد يواجه ضغوطاً محدودة بسبب انخفاض هوامش الفائدة، على رغم تعويضه جزئياً بزيادة النشاط الائتماني. كذلك أشاروا إلى أن شركات التأمين قد تتأثر سلباً نتيجة انخفاض عوائد استثماراتها في الأصول الثابتة

لا شك أن أسواق الخليج استقبلت خفض الفائدة الأميركية بتفاؤل مريح، إذ نجح رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول في جمع شمل لجنة منقسمة بشدة من صانعي السياسة لدعم قرار خفض أسعار الفائدة، متجاهلاً الضغوط السياسية المكثفة، في محاولة لإيجاد أرضية مشتركة للمسؤولين المنقسمين بين القلق من ضعف سوق العمل واستمرار التضخم في الولايات المتحدة المرتفع.
لماذا جاء الخفض الآن؟

جاء الخفض بمقدار ربع نقطة مئوية، هو الأول في العام الحالي، بعد تباطؤ كبير في نمو الوظائف وضغط غير مسبوق من البيت الأبيض من أجل خفض أكبر في أسعار الفائدة، لكن مع بقاء تأثير الرسوم الجمركية في التضخم في الولايات المتحدة غير واضح، أشار باول إلى أن مسؤولي “الفيدرالي” سيواجهون خيارات صعبة في الأشهر المقبلة عند النظر في الاستمرار بعملية الخفض.
ما هي التحولات الجذرية؟

ولكن أدت التحولات الجذرية في سياسات إدارة ترمب في مجالي التجارة والهجرة إلى تضارب في صلاحيات البنك المركزي، بحسب تقرير لوكالة “بلومبيرغ” وبحسب التقرير فإنه في الوقت ذاته لم يحدد صانعو السياسات في “الفيدرالي” هدفاً دقيقاً لمعدل البطالة، مجادلين بأن أدنى مستوى مستدام للبطالة لا يمكن تقديره إلا أنه يتغير بمرور الوقت.

حالياً، يقدر “الفيدرالي” أن هذا المستوى يبلغ نحو 4.2 في المئة، وإذا انخفض عن هذا المستوى بكثير، فقد يواجه الاقتصاد نقصاً في العمالة وارتفاعاً في الأسعار.

كان استقرار الأسعار موضع نقاش واسع النطاق على المستويين الخاص والعام، بعد مكافحة ارتفاع التضخم في سبعينيات القرن الماضي، اعتاد رئيس “الفيدرالي” السابق بول فولكر القول إن المستوى المناسب للتضخم هو انعدام التضخم تقريباً.
ماذا يقول المحللون؟

أكد محللون إلى “اندبندنت عربية”، على أن قرار الفيدرالي الأميركي خفض سعر الفائدة للمرة الأولى في 2025 سيحفز الأسواق المالية الخليجية إيجابياً، خصوصاً المرتبطة منها بالدولار، إذ سيؤدي ذلك إلى تقليص كلف التمويل المحلي.

وأشاروا إلى أن القطاعات الدورية، مثل العقارات والصناعة والبتروكيماويات، ستكون الأكثر استفادة من خلال زيادة الطلب على القروض وتحسين هوامش الربحية.

وأوضحوا أن القطاع العقاري سيشهد انتعاشاً ملحوظاً بفضل تسهيل الاقتراض وزيادة المشاريع الجديدة، كذلك ستستفيد الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات الديون العالية من انخفاض عبء الديون.

وأضافوا أن قطاع التجزئة سيشهد زيادة في الإنفاق الاستهلاكي، مما يدعم نمو الشركات المعتمدة على التمويل.

في مقابل ذلك، يرى المحللون إلى أن القطاع البنكي سيكون من أكثر القطاعات تضرراً من القرار، إذ قد يواجه ضغوطاً محدودة بسبب انخفاض هوامش الفائدة، على رغم تعويضه جزئياً بزيادة النشاط الائتماني. كذلك أشاروا إلى أن شركات التأمين قد تتأثر سلباً نتيجة انخفاض عوائد استثماراتها في الأصول الثابتة.

وأكد المحللون أن السوق السعودية أظهرت استجابة إيجابية مبكرة، خصوصاً في أسهم البنوك والعقارات، داعين المستثمرين إلى تبني استراتيجيات مرنة للاستفادة من الفرص الجديدة ومواجهة التحديات الناتجة عن هذا القرار.
الخفض الأول

قرر “الفيدرالي” الأميركي الأربعاء الماضي خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، ليصبح النطاق الجديد ما بين 4 في المئة و4.25 في المئة.

ويتوقع المجلس خفوضاً إضافية في الفائدة تصل إلى 50 نقطة أساس قبل نهاية العام، مع استمرار الخفوض في العامين المقبلين.

وقد تبعت البنوك المركزية الخليجية هذا القرار على الفور، وخفضت أسعار الفائدة لديها بمقدار 25 نقطة أساس.
أكبر استفادة

بدوره، أكد رئيس أول إدارة الأصول في “أرباح المالية” محمد الفراج، أن قرار “الفيدرالي” له أثر واسع في الأسواق المالية العالمية، لا سيما دول الخليج ذات الربط بالدولار، موضحاً أن البنوك المركزية الخليجية تتبع سياسات نقدية مماثلة تؤدي إلى خفض أسعار الفائدة المحلية على القروض والودائع.

وأضاف الفراج، أن قطاع العقار والتطوير العقاري يحظى بأكبر استفادة عبر زيادة الطلب وتحفيز المشاريع الجديدة، كذلك يستفيد القطاع الصناعي والبتروكيماوي من انخفاض كلفة التمويل، مما يحسن من هوامش الربحية ويسهم في توسع أعمالها.

ولفت إلى أن القطاع البنكي يواجه تحديات محدودة بسبب انخفاض هامش صافي الفائدة، بينما يشهد قطاع التجزئة زيادة في الإنفاق الاستهلاكي مع كلفة تمويل أقل، مع التأكيد على أن تأثير خفض الفائدة يتباين بحسب هيكل تمويل كل قطاع واستجابته للمتغيرات الاقتصادية.
خفض الكلفة

من جانبه، قال المحلل المالي والمحاضر في التمويل والاستثمار يوسف يوسف، إن خفض أسعار الفائدة العالمية شكل عاملاً محفزاً لقطاعات اقتصادية متعددة، خصوصاً تلك التي تعتمد بصورة كبيرة على التمويل بالديون، مما أسهم في خفض كلفة رأس المال وزيادة فرص التوسع والاستثمار.

وأضاف أن القطاع البنكي قد يعاني من ضغوط على هوامش أرباحه جراء انخفاض فرق الفائدة، لكنه سيعوض ذلك عبر ارتفاع حجم القروض وزيادة النشاط الائتماني.

ولفت إلى أن القطاعات مثل العقارات والطاقة والبتروكيماويات تستفيد من انخفاض الفائدة بوضوح من حيث تحسين ربحيتها وتوسيع مشاريعها.

وبيّن يوسف، أن البيئة الاقتصادية الراهنة تفرض على المستثمرين تبني استراتيجيات مرنة تتماشى مع تقلبات السوق، ومتابعة مستمرة للمعطيات الاقتصادية لضمان تحقيق أفضل العوائد.
قطاعات دورية

وأوضح المستشار الاقتصادي والرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية السعودي علي بوخمسين، أن قرار خفض الفائدة ستكون له تأثيرات متفاوتة في أسواق المال الخليجية، خصوصاً السوق السعودية.

وأشار إلى أن القطاعات الدورية مثل العقارات، الصناعة، والاستهلاك ستكون الأكثر استفادة من هذا الخفض، إذ يحفز انخفاض كلفة التمويل والاستهلاك. في المقابل، ستكون قطاعات مثل التأمين والطاقة أكثر عرضة للضرر.

وأضاف أن حجم الخفض الحالي بـ25 نقطة أساس تأثيره محدود، لكنه سيكون أعمق مع تكراره مستقبلاً.
جذب مستثمرين

قالت المحللة مها سعيد من أكاديمية “كي ويلث” بالرياض إن خفض الفائدة سيكون له تأثير في زيادة السيولة وجذب المستثمرين نحو الأسهم، لا سيما في قطاعات العقارات والبتروكيماويات والتمويل الاستهلاكي والسياحة.

وأشارت إلى أنه بالمقابل، سيكون من المتضررين سوق السندات والأصول ذات الدخل الثابت، لافتة إلى أن أرباح البنوك والقطاعات الثقيلة ستعاني من خفض الفائدة بسبب تباطؤ الطلب العالمي.

وأكدت أنه مع استمرار خفض الفائدة من المتوقع دعم الاستهلاك والقروض العقارية وقطاعات النمو، مع ضرورة مراقبة تأثيرات ضعف الاقتصاد الأميركي في صادرات النفط والتضخم المحلي.
استجابة مبكرة

وأكدت المحللة الفنية في شركة “ترند تريد السعودية” أسماء أحمد، أن السوق المالية السعودية استجابت مبكراً لخبر خفض الفائدة، إذ قاده قطاع البنوك للارتفاع مطلع الأسبوع الجاري، باعتباره الأكثر استفادة من خفض كلفة تمويل القروض وزيادة الطلب عليها.

وأشارت إلى أن العقارات من القطاعات الكبرى المستفيدة لاعتمادها على الاقتراض في التوسع، كما لاحظت تفاعلاً إيجابياً للأسهم الصغيرة والمتوسطة ذات الدين المرتفع، إذ يقل عبء الديون ويزداد صافي الربح بسبب الخفض.

وعلى الجانب الآخر، لفتت إلى أن التأثير السلبي محدود في بعض القطاعات مثل البنوك والتأمين، إذ يشكل خفض الفائدة تأثيراً مزدوجاً للبنوك بين زيادة الاقتراض وانخفاض هامش الربح من الفوارق بين الفوائد، بينما تواجه شركات التأمين ضغوطاً بسبب استثماراتها في أصول ثابتة تتأثر بانخفاض الفائدة.

اندبندنت عربية

[ جديد الخبير ]