تواصل أسعار العقارات في سورية تسجيل ارتفاعات متتالية مع تنامي الطلب، في وقت يرى فيه الخبير الاقتصادي فادي ديب أن السوق يعاني من شلل جزئي لا من حالة جمود كامل، موضحاً أن المشكلات لا ترتبط بالقوانين فقط، بل بالبيئة الاقتصادية والاجتماعية غير الجاهزة لدعم هذا القطاع الحيوي.
أبرز المعوقات أمام السوق العقارية
بحسب ديب، هناك عدة عوامل تعيق نشاط السوق، أبرزها:
ضعف القدرة الشرائية: فالتسهيلات الحكومية لا تكفي ما لم يتوافر دخل حقيقي ومستقر يسمح للمواطنين بالشراء أو حتى الاستئجار، حيث تستهلك الغالبية دخلها في أساسيات المعيشة.
التضخم وتقلب سعر الصرف: وهو ما يضعف الثقة بالعملة الوطنية ويجعل المستثمرين مترددين في الالتزام باستثمارات طويلة الأجل مثل شراء العقار.
غياب القروض العقارية المناسبة: الأمر الذي يحرم شريحة واسعة من إمكانية التملّك.
غياب التنظيم والشفافية: إذ لا توجد قاعدة بيانات واضحة للعقارات، ما يجعل السوق عرضة للمضاربة والفوضى.
ضعف مهنية السماسرة والمكاتب العقارية: حيث يغلب على تعاملاتهم الطابع الفردي والمصالح الضيقة، مما يضر بثقة المتعاملين.
انعدام المنصات الإلكترونية الموثوقة: ما يحد من وصول فئات كالشباب والمغتربين إلى السوق.
غياب مشاريع الإسكان الشعبية: فلا توجد خطط فعلية لتطوير مشاريع تنموية بأسعار مقبولة.
أزمة الإيجارات وشروط الدفع القاسية
وأشار ديب إلى أن سوق الإيجارات بدوره يعاني من “شلل جزئي”، حيث تندر العروض الجيدة، ومعظم العقارات المتاحة إما للبيع أو بحالة سيئة وبأسعار مرتفعة.
كما أن شروط الدفع صعبة، إذ يُطلب في كثير من الحالات تسديد إيجار نصف سنة أو سنة مقدماً، ما يزيد الضغط على المستأجرين.
توقعات بمزيد من الارتفاع
في المقابل، بدا الخبير العقاري عمار يوسف أكثر تشاؤماً، متوقعاً استمرار صعود الأسعار نتيجة تزايد الطلب، خاصة مع عودة المغتربين، إلى جانب توقف حركة البناء بسبب نقص السيولة لدى التجار نتيجة سياسة “حبس السيولة” التي ينتهجها المصرف المركزي.
وأكد يوسف أن غياب الاستقرار الاقتصادي والسياسي يحول دون أي إجراءات جدية لتحريك السوق، معتبراً أن الاتفاقيات الموقعة حتى الآن مجرد تفاهمات أولية لا تبشر بنتائج قريبة.
ويخلص الخبراء إلى أن الفوضى وغياب التنظيم يظلان السمة الغالبة على السوق العقارية في سورية، بانتظار إصلاحات عميقة تعيد الثقة وتضع أسساً واضحة للتعاملات العقارية.