أكد وزير الطاقة السوري، المهندس محمد البشير، أن جهود إعادة هيكلة قطاع الطاقة في سوريا مستمرة بشكل مكثف، مع التركيز على إطلاق شركات قابضة تهدف إلى تعزيز الإنتاج وتطوير البنية التحتية بما يلبي احتياجات المواطنين اليومية ويدعم خطط التنمية الاقتصادية في البلاد.
في مقابلة مع قناة الإخبارية السورية، أوضح البشير أن الوزارة استلمت بنية تحتية متدهورة في قطاعات النفط والكهرباء والمياه والثروة المعدنية، تشمل مصافي النفط، وحقول وآبار النفط، وشبكات النقل والتوزيع، إضافة إلى محطات التوليد التي تحتاج إلى تحديث شامل. من هنا، شرعت الوزارة في إعادة هيكلة القطاع ووضع هيكل تنظيمي جديد لتطوير الأداء.
وأشار الوزير إلى أن الدراسة جارية حالياً لتأسيس شركات قابضة في مجالي النفط والكهرباء، تتولى إدارة عمليات التنقيب والإنتاج والنقل والتكرير والتوليد والتوزيع، بحيث تكون على مستوى شركات النفط الكبرى مثل أرامكو السعودية وقطر للبترول. وأكد أن إطلاق هذه الشركات سيكون تدريجياً وفق خطة منظمة، مع دراسة إنشاء شركة متخصصة لإدارة قطاع التعدين والفوسفات في سوريا.
وبين البشير أن محطات التوليد تعاني من تدهور كبير نتيجة الحرب والعقوبات، مع توقف بعض المحطات عن العمل مثل زيزون ومحردة، في حين تعمل أخرى بطاقة تتراوح بين 50 و70% فقط. ومع ذلك، أسفرت الجهود عن رفع القدرة التوليدية إلى نحو 5000 ميغاواط، رغم أن ساعات التشغيل اليومية محدودة حالياً بين 4 و5 ساعات بسبب نقص الغاز والفيول.
وأكد الوزير أن الوزارة تسعى لتأمين الغاز اللازم لتشغيل المحطات من مصادر متعددة، موضحاً أن إعادة تأهيل خط الغاز الواصل بين سوريا وتركيا تم في وقت قياسي بواسطة كوادر وطنية، وهو الآن جاهز لاستقبال الغاز من أذربيجان، حيث بدأت المرحلة التجريبية لضخ الغاز بكمية تصل إلى 3.4 ملايين متر مكعب، تكفي لتوليد 700 إلى 900 ميغاواط. ويتوقع زيادة ساعات التشغيل خلال الأيام المقبلة لتصل إلى 8-10 ساعات يومياً.
كما كشف البشير عن استمرار المفاوضات مع الجانب التركي لشراء كميات إضافية من الغاز تصل إلى 2.69 مليون متر مكعب، ما سيسهم في رفع إنتاج الكهرباء بحوالي 500 ميغاواط إضافية وزيادة ساعات التشغيل بمقدار 2-3 ساعات يومياً.
وأشار إلى أن سوريا تسعى للاستفادة من خطوط الربط الإقليمية لتحقيق استقرار في توريد الطاقة، مبيناً أن الوزارة حصلت على منحة من البنك الدولي لتطوير شبكة الكهرباء التي تربط سوريا بدول الجوار، بهدف استيراد الكهرباء بشكل مباشر، كما أن خط الربط مع الأردن مؤهل أيضاً لاستقبال الغاز.
أما في قطاع التكرير، فأوضح البشير أن الوزارة تبذل جهوداً مكثفة لإعادة تأهيل مصفاتي حمص وبانياس، اللتين تعتمد عليهما سوريا في إنتاج المشتقات النفطية لتغطية السوق المحلية. وتم رفع إنتاج مصفاة حمص إلى حوالي 30 ألف برميل يومياً مع توقع زيادة الإنتاج إلى 50-60 ألف برميل خلال الصيانة القادمة، بينما تبلغ طاقة مصفاة بانياس حالياً حوالي 100 ألف برميل يومياً.
في إطار خطط تطوير القطاع، كشف الوزير عن دراسات جارية لإنشاء مصفاة نفط جديدة بطاقة إنتاجية تصل إلى 200 ألف برميل يومياً، بهدف تحويل سوريا إلى دولة مصدرة للمشتقات النفطية. ولفت إلى وجود مباحثات مع شركات مختصة مثل شركة سوكر التركية لتنفيذ المشروع.
كما أشار إلى زيارته المرتقبة للعراق لدراسة إعادة تأهيل خط أنابيب النفط الذي يربط حقل كركوك العراقي بميناء بانياس، بهدف نقل النفط الخام لتغذية مصفاتي حمص وبانياس أو التصدير المباشر.
وفيما يخص التعاون الدولي، أكد البشير أن سوريا اعتمدت على الخبرات الوطنية السعودية من شركات مثل أرامكو لتعزيز قطاع النفط والغاز، مشيراً إلى توقيع مذكرة تفاهم مع السعودية للتنسيق والتعاون في مجال الطاقة.
وختم الوزير بالإشارة إلى أن وزارة الطاقة تركز بشكل كبير على تطوير مشاريع الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية والريحية، مع تحسين أنظمة التخزين لضمان استقرار الشبكة الكهربائية. كما تم فتح المجال أمام المستثمرين المحليين لإنشاء محطات طاقة شمسية صغيرة بقدرات أقل من 10 ميغاواط، ما يعزز التعاون ويدعم تطور قطاع الطاقة في سوريا.